اختتمت كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية أعمال مؤتمرها السنوي الخامس، الذي نُظِّم تحت عنوان: "مستقبل التعليم في الوطن العربي: الابتكار، والريادة، والذكاء الاصطناعي"، بمشاركة علمية متميزة من نخبة من الباحثين والأكاديميين من الأردن وعدد من الدول العربية.
وقد جاء المؤتمر بوصفه منصة علمية مرموقة لتبادل الخبرات والرؤى حول مستقبل التعليم العربي في ظل التحولات العالمية، حيث اشتملت فعالياته على جلسات علمية تناولت خمسة محاور رئيسة، شملت القيادة التربوية والأصول، والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التعليم، والمناهج وطرق التدريس، والعلوم النفسية، والتعليم الدامج وتكافؤ الفرص. وتم خلال الجلسات العلمية عرضت اوراق علمية محكَّمة، عالجت قضايا التعليم العربي المعاصر، وطرحت تصورات مستقبلية مبتكرة لمواكبة الثورة الرقمية وتوظيف الذكاء الاصطناعي في النهوض بالعملية التعليمية.
وشهد اليوم الثاني من المؤتمر فعاليات ختامية احتفالية، تضمنت جلسة لتوزيع شهادات المشاركة والتكريم على الباحثين والباحثات الذين قدَّموا أوراقًا نوعية أثرت الجلسات العلمية بمضامين فكرية وتربوية عالية المستوى، كما تم تكريم أعضاء اللجنة العلمية وفرق الدعم الفني والتنظيمي والإداري الذين أسهموا بجهودهم المخلصة والمهنية في إنجاح هذا الحدث العلمي الكبير. وفي كلمته الختامية، عبَّر عميد كلية العلوم التربوية ورئيس المؤتمر الأستاذ الدكتور محمد صايل الزيود عن فخره واعتزازه بما تحقق من إنجاز علمي وتنظيمي، مؤكدًا أن نجاح المؤتمر جاء ثمرة لتكاتف الجهود والانتماء الصادق الذي يجسده العاملون في الكلية والجامعة، لتبقى الجامعة الأردنية منارة علمية رائدة ومؤسسة وطنية ذات إشعاع عالمي.
وأكد الدكتور الزيود أن المؤتمر تميَّز بالاحترافية والمهنية في جميع تفاصيله، من حيث التنظيم والتنسيق، ومستوى الأوراق العلمية التي نوقشت، ومشاركة نخبة من الباحثين العرب، وكذلك الحضور الفاعل من أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة.
وأضاف أن ما تحقق من نجاح يعكس مدى الإخلاص والانتماء الذي يتمتع به جميع المشاركين والعاملين، وهو ما يرسِّخ مكانة الجامعة الأردنية كمؤسسة علمية رائدة تسير بخطى واثقة نحو آفاق التميز الأكاديمي وخدمة الوطن والمنطقة.
وقد وجَّه عميد الكلية في كلمته عبارات الشكر والتقدير إلى دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران، رئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنية، ومعالي الأستاذ الدكتور نذير عبيدات، رئيس الجامعة، على رعايتهما الكريمة للمؤتمر، ومشاركتهما الفاعلة في افتتاحه، والتي أضفت عليه قيمة معنوية وأكاديمية عالية أسهمت في تعزيز نجاحه وتميزه. كما قدَّم شكره الخالص إلى رئيس وأعضاء اللجنة العلمية للمؤتمر في الكلية، ممثَّلةً بمعالي الأستاذ الدكتور راتب السعود، تقديرًا لجهودهم العلمية التي امتدَّت على مدار عام كامل من التحضير والمتابعة والتدقيق، بما أخرج المؤتمر بمستوى عالمي وبنكهة أردنية وعربية أصيلة.
كما خصَّ بالشكر والتقدير أعضاء الهيئة الإدارية في الكلية، ووحدات الجامعة المختلفة التي قدَّمت دعمًا نوعيًا، وكان لها الأثر الكبير في إنجاح المؤتمر، بما في ذلك أكاديمية الجامعة الأردنية، ومطبعة الجامعة، ووحدة العلاقات العامة والإعلام، ودائرة الغذاء والتغذية والخدمات المساندة، ومركز تكنولوجيا المعلومات، ووحدة الشؤون المالية، ودائرة الحركة، وإذاعة الجامعة الأردنية. وشكر الزملاء من أعضاء الهيئة التدريسية الذين شاركوا في تحكيم الأوراق العلمية، وأسهموا بأبحاثهم النوعية، وأولئك الذين التزموا بحضور الجلسات وأظهروا انتماءً مؤسسيًا عاليًا، انعكس بشكل إيجابي على صورة الكلية وتفاعلها العلمي.
كما أثنى الدكتور الزيود على مساهمة طلبة برنامج الدبلوم العالي لإعداد المعلمين، الذين كان لهم دور بارز في التنظيم والتفاعل، مشيدًا بحضورهم وانخراطهم الفاعل في جميع فعاليات المؤتمر، بإشراف مباشر من مساعد العميد ومدير البرنامج. كما وجَّه تحية تقدير إلى الباحثين والباحثات العرب المشاركين، مثمنًا جهودهم البحثية، ومؤكدًا أن ما قدَّموه من أوراق علمية شكَّل إضافة نوعية للمجال التربوي، وأسهم في بناء حوار علمي يعكس واقع التعليم العربي وتطلعاته المستقبلية في ظل التحولات التقنية المتسارعة.
وعبّر معالي الأستاذ الدكتور راتب السعود، رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر، عن تقديره العميق لجميع الباحثين والباحثات الذين أثروا المؤتمر بأوراقهم العلمية القيمة، وأسهموا في تقديم تصورات متقدمة حول مستقبل التعليم في الوطن العربي. وأكد معاليه أن المؤتمر شكّل محطة فكرية وتربوية متقدمة، جمعت بين الخبرة والابتكار، ووفّرت فضاءً علميًا حيويًا لتلاقح الأفكار، وتبادل الخبرات، واستعراض أفضل الممارسات التربوية على المستويين المحلي والعربي، إلى جانب تقديم توصيات علمية رصينة تستشرف ملامح التحول الرقمي في التعليم، وتدعم مسيرة التطوير المؤسسي في الجامعات العربية.
وأشار إلى أن الأوراق العلمية التي قُدّمت عكست عمقًا في الطرح البحثي، وشمولية في التناول، وارتكزت على معايير علمية دقيقة تلبّي احتياجات الواقع التعليمي العربي، وتواكب مستجدات الذكاء الاصطناعي والتعليم الرقمي، بما يثري المحتوى الأكاديمي، ويوجه صانعي القرار نحو خيارات أكثر استدامة وكفاءة. كما نوّه إلى أهمية البناء على مخرجات هذا المؤتمر في رسم السياسات التربوية القادمة، والانتقال من التنظير إلى الممارسة الفاعلة.
ووجّه الدكتور السعود، شكره وامتنانه العميق لكل من ساهم في تنظيم هذا الحدث العلمي الكبير، من أعضاء اللجان العلمية والتنظيمية، والهيئتين التدريسية والإدارية، وطلبة الكلية، مثمنًا دورهم الحيوي الذي تجسّد في مستوى عالٍ من الحرفية والانتماء والالتزام، مما كان له الأثر البالغ في نجاح المؤتمر، وتحقيق رسالته العلمية والمجتمعية، وإبراز الصورة المشرقة لكلية العلوم التربوية والجامعة الأردنية على حدّ سواء.
وفي إطار مخرجات المؤتمر، أعلنت الكلية عن إصدار "كتاب وقائع المؤتمر" بصيغته الإلكترونية، والذي يتضمن الأوراق العلمية المحكمة التي قُدِّمت خلال جلساته. ويُعدُّ هذا الإصدار مرجعًا أكاديميًا مفتوحًا للباحثين والمهتمين بتطوير التربية والتعليم الرقمي في العالم العربي، ويعزِّز من أثر المؤتمر ويطيل عمره العلمي في أروقة البحث والمعرفة.
كما خلص المؤتمر إلى جملة من التوصيات العلمية التي تمخَّضت عن الأوراق البحثية والنقاشات المتخصصة، وفي مقدمتها الدعوة إلى دمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مهام الجامعات تدريجيًا، مع ضرورة التقييم المستمر لهذا الدمج لضمان فاعليته. كما أوصى المشاركون بضرورة توفير تطبيقات تعليمية قائمة على الذكاء الاصطناعي تلائم احتياجات كلٍّ من أعضاء هيئة التدريس والطلبة، مع التركيز على دعم العمليات التدريسية وتعزيز تجربة التعلُّم الشخصي التفاعلي. وشدَّدت التوصيات على أهمية إرساء أطر تشريعية واضحة تُنظِّم استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، وتحفظ أخلاقياته، وتحمي البيانات وخصوصيتها.
ودعا المؤتمر إلى أن تعمل إدارات الجامعات على وضع إجراءات مؤسسية واضحة للتعامل مع التحديات المصاحبة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، ومن بينها ضعف التفاعل البشري، وصعوبة تفسير الخوارزميات، وتكلفته العالية، وتأثيره المحتمل على المهارات الشخصية للمتعلمين. كما أوصى المؤتمر بضرورة إجراء مزيد من الدراسات التطبيقية لتقصِّي أثر الذكاء الاصطناعي على تحقيق رسائل الجامعات، وتطوير أدوات تقييم ذكية تدعم التعليم المخصَّص، وتعزِّز من جودة اتخاذ القرار التربوي.
وقد جاءت هذه التوصيات لتشكِّل خريطة طريق لمستقبل التعليم العالي في الوطن العربي، وتؤكِّد أن التحوُّل الرقمي لم يعُد ترفًا بل أصبح ضرورة، وأن الذكاء الاصطناعي يُمثِّل أحد الأعمدة الحيوية لتطوير المنظومة التعليمية ومواكبتها للثورات التكنولوجية الحديثة. وفي ختام كلمته، قال الدكتور محمد صايل الزيود إن المؤتمر السنوي الخامس هو قصة نجاح متجدِّدة، نعمل بإخلاص لتكرارها، ونفخر بما حققناه خلالها من تفاعل علمي ومؤسسي يعكس روح الانتماء، ويؤسِّس لمستقبل مؤتمرات تربوية تحمل نفس الطموح، وتطمح إلى ما هو أعلى، خدمة للعلم والتعليم، وتعزيزًا لمكانة الجامعة الأردنية في مصاف الجامعات الريادية عالميًا.