استعرض الدكتور ديميتروف النظرية مقدّمًا شرحًا معمقًا لها من حيث تطورها، تطبيقاتها العملية، وإمكانياتها في إحداث تحول نوعي في التقييم التعليمي. كما عرض النظرية باعتبارها إحدى النظريات الرائدة التي توفر إطارًا رياضيًا دقيقًا لنمذجة العلاقة بين خصائص المفحوصين (مثل القدرة أو المهارة) واحتمالية استجابتهم على الفقرات. وأوضح أن النظرية تمثل تطورًا ملحوظًا مقارنة بنظرية الاختبار الكلاسيكية، التي تقتصر على افتراضات عامة مثل ثبات الاختبار والتوزيع الطبيعي للدرجات.
وأشار الدكتور ديميتروف إلى أن نظرية الاستجابة للفقرة تعتمد على نماذج رياضية متعددة (مثل نموذج "لوجستي أحادي البارامتر"، ونموذج "ثنائي البارامتر"، ونموذج "ثلاثي البارامتر")، التي تأخذ في الاعتبار عوامل مثل صعوبة الفقرة، قدرتها التمييزية، واحتمالية التخمين.
تناولت الندوة بالتفصيل أوجه القصور في نظرية الاختبار الكلاسيكية، مثل عدم قدرتها على تقديم معايير دقيقة لمقارنة صعوبة الفقرات أو تمييزها بين مجموعات مختلفة من المفحوصين. كما تطرقت إلى تعقيدات النماذج الرياضية في نظرية الاستجابة للفقرة، لكنها أوضحت كيف أن هذه التعقيدات تُعوّض بالدقة العالية والمرونة التي توفرها النظرية، لا سيما عند استخدام أدوات القياس المحوسبة.
عرض الدكتور ديميتروف نجاح نظرية الاستجابة للفقرة في التطبيقات العملية، مثل الاختبارات واسعة النطاق التي تُستخدم في القياسات التربوية والمهنية. واستشهد بتجربة المركز الوطني للقياس في المملكة العربية السعودية، الذي يعتمد على هذه النظرية لتحليل الفقرات، ومعايرة النتائج، وتصميم الاختبارات. وأكد دور هذه التطبيقات في تحسين دقة التقييمات، وضمان العدالة بين مجموعات المفحوصين المختلفة، وتقديم تقارير مفصلة تساعد المعلمين وصناع القرار في وضع سياسات قائمة على البيانات.
كما تضمنت الندوة تحليلًا مقارنًا بين نظرية الاختبار الكلاسيكية ونظرية الاستجابة للفقرة، حيث أشار البروفيسور ديميتروف إلى أن لكل منهما سياقات مناسبة للاستخدام. ورغم بساطة نظرية الاختبار الكلاسيكية، فإن نظرية الاستجابة للفقرة تتفوق في تقديم نماذج دقيقة يمكنها التعامل مع الاختبارات التكيفية وتحليل البيانات المعقدة، مما يجعلها أداة فعّالة في التقييمات الحديثة.
واختتم الدكتور ديميتروف الندوة بمناقشة التوجهات البحثية المستقبلية في مجال نظرية الاستجابة للفقرة، وعلى رأسها تحليل الأداء التفاضلي للفقرات، وتصميم اختبارات متعددة المراحل، ومعايرة الفقرات لضمان الثبات عبر أشكال متعددة للاختبارات، واستخدام نماذج مخصصة لتحليل الفقرات متعددة التصنيفات.
اختتمت الندوة بجلسة أسئلة وأجوبة تفاعلية، حيث أثار الحضور أسئلة مهمة حول إمكانيات دمج النظرية في أبحاثهم وممارساتهم التدريسية. وأبدى المشاركون اهتمامًا خاصًا بالتطبيقات العملية للنظرية وسبل التعاون لإجراء دراسات مشتركة.
يُعد الدكتور ديميتروف أحد الرواد في مجال القياس والتقويم التربوي. وقد حاز عمله في تطوير منهجيات جديدة لتحليل الفقرات ومعايرة النتائج على اعتراف دولي واسع، وكان له تأثير كبير في تبني ممارسات تقييم مبنية على أسس علمية.
جاءت هذه الندوة في إطار التزام كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية بتطوير البحث العلمي وتطبيق النظريات الحديثة في التعليم والتقويم. وتعكس استضافة هذه الفعالية التزام الكلية بتعزيز التميز الأكاديمي وتوفير بيئة تعليمية مثرية للطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية.